كيف غيرت الرماية مجرى التاريخ
كان للرماية الدور الهام بتغيير مجرى التاريخ عبر العصور قاطبة ولا أعتقد أن لأي رياضة ثانية التأثير نفسه على مجرى التاريخ . كانت الأقواس على الأغلب أقواسا صغيرة تستخدم لأغراض الصيد في الغابات. كان المصريون أول من طور الأقواس المركبة ( أقواس من عدة مواد) , ذلك بشد أمعاء الخراف لصنع خيط القوس . كما طور الصينيون الأقواس المتقاطعة (crossbow)، ربما كان أشهر الرماة في التاريخ المغول. عام 1208بعد الميلاد قاد جنكيز خان جيشه من سهول منغوليا. كان المغول فرساناً مهرة يمكنهم الوقوف عالياً في ركاب أحصنتهم وهكذا يقومون برمي الأسهم في كل اتجاه فهناك بعض الرسومات يظهر فيها رماة الأقواس الطويلة في المقدمة والفرسان في المؤخرة.
عام 1066 ميلادية غزا النورمانديون بريطانيا وزعموا أن الملك هارولد قد قتل بسهم نورماندي في عينه. أما الساكسونيين فلم يستخدموا الأقواس لفترة طويلة. لعلنا كلنا سمعنا عن روبين هود ، تلك الشخصيه الإنجليزية التى برزت من الفلكلور إلانجليزي وهي تمثل فارسا شجاعا، مهذبا، طائشا وخارجا عن القانون، عاش في العصور الوسطى وكان يتمتع ببراعة مذهلة في رشق السهام.
تعد معركة أجينكورت انتصارًا كبيرًا للإنجليز على الجيش الفرنسي الذى كان يفوقهم عددًا خلال حرب المئة عام. وقعت المعركة في 25 أكتوبر 1415، في شمال فرنسا. كان انتصار هنري الخامس مؤثرًا، فقد نقلت الحرب إنجلترا إلى مرحلة جديدة، تزوج هنري خلالها من ابنة ملك فرنسا، وأصبح ابنه وليًا لعهد فرنسا. عودة إلى أرض المعركة فى أجينكورت ، فلقد حاصر الفرنسيون جيش هنري الذى بدأ فى طلب التفاوض ، نعم بدا ضعيفا بعض الشئ ، وعندما فشلت محاولاته للمفاوضة اضطر للقتال ، و على الرغم من التفوق العددي الضخم للفرنسيين بدا مجبرا على هذا القرار . في الصباح تواجه الجيشان. نقل هنري رماة القوس الطويل المدى و أعطى توجيهاته بأن يمطروا الجيش الفرنسي ، الذي كان بعضه يهاجم وهو غارق في الوحل إلى وسطه بوابل من السهام : كان الجو ممطرا ، يالا حظ الفرنسيين العثر . ورغم أن سهام الأقواس طويلة المدى لم تكن كبيرة التأثير في الدروع المصفحة للفرنسيين ، إلا أنها كانت مؤثرة لأقصى حد في خيولهم . وبسقوطهم عن ظهور خيولهم وكونهم مثقلين بدروعهم ، فقد غرق العديد من الفرنسيين في الوحل. و وسط الوحل والارتباك اندفع الإنجليز للاستفادة من الموقف. في نهاية المعركة كان الفرنسيون قد خسروا آلاف الرجال بينما خسر الإنجليز بضع مئات فقط (يقول شكسبير إن الفرنسيين خسروا عشرةآلاف رجل مقابل تسعة وعشرين إنجليزيا). ويقال إن إشارة النصر على شكل V التي يشار إليها هذه الأيام بإصبعين هي من عمل رماة ويلز بعد تلك المعركة.
و إلى اللقاء فى حلقات أخرى من نفس الموضوع لنبين لكم مدى أهمية الرماية على مر التاريخ ، إنتظرونا فهناك الكثير و الكثير من الحكايات ، أبطالها من الرماة ، بعضها قد يكون أساطير و بعضها من نسج الحياة ، و لكن ما نستفيده منها أن نعلم أبناءنا الرماية ،، تلك الرياضة الممتعة ، التى طالما أسهمت فى تغيير تاريخ الأمم.
|