الصيد فى مصر  

العودة   الصيد فى مصر > الاسلحه > التسليح المصرى و العالمى

التسليح المصرى و العالمى معلومات عن وسائل التسليح المختلفة

إضافة رد
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
غير مقروء 14-08-29, 02:14 PM   #1
avokato
مشرف قسم التسليح المصري و العالمي

اوسمتي

 
الصورة الرمزية avokato
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المدينه: شبرا مصر
المشاركات: 3,610
معدل تقييم المستوى: 275
avokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدىavokato عميد بالمنتدى
افتراضي بطولات منسيه من النكسه والاستنزاف واكتوبر موضوع تحفه بلسان المؤرخين العسكريين

أعد الملف: محمد توفيق- منة شرف الدين

نعم، كانت هناك بطولات خالدة، وأبطال عظام فى عام الهزيمة.
أبطال لم يسلموا، ولم يستسلموا، ولم يتركوا أسلحتهم، ولم يفارقوا مواقعهم، ولم يدخلوا الخنادق، ولم يتركوا البنادق، ولم ترهبهم دبابات العدو، ولم تفزعهم طائراته، ومدرعاته، وقنابله، ولم يستجيبوا لإنذاراته.
أبطال لم يحتف أحد ببطولاتهم التى صنعوها وقت الهزيمة، حيث الشجاعة لها ثمن فادح، ولن يقدرها أحد، ولن يتحدث عنها الإعلام، ولن يتذكرها سوى الأوفياء.
أبطال لم يلتفت إليهم أحد، بعضهم نال الشهادة، وبعضهم ظل حيا ليروى لنا حقيقة ما جرى، لنعرف أن بعض البطولات التى صنعها الأبطال فى عام النكسة تجاوزت بعض البطولات التى حدثت فى عام النصر.
لكننا ننسى، ونخلط الأوراق، ولا نفرق بين مجلس الحرب (المجلس العسكرى)، الذى لم يخرج أعضاؤه من المكاتب، وبين الجنود الذين لم يهربوا إلى الخنادق، لا نفرق بين الجندى الذى يدفع الثمن، والقائد الذى يحصد النتيجة، بين من خطط وأخطأ، ومن نفذ واستشهد؛ فلولا رجال صمدوا فى «يونيو» ما تحقق النصر فى «أكتوبر».
«بطل تبة العريش» أجبر قائد قوات العدو على أن يؤدى له التحية العسكرية لصموده أمام كتيبة إسرائيلية بمفرده
هذا هو درس يونيو الذى لم نتعلمه بعد.
ففى عام 1967 وخلال 205 أيام وقعت معارك كبيرة، وتحققت انتصارات عظيمة، ولعل قصة بطل التبة الضابط العظيم مجهول الاسم والنسب خير شاهد على ذلك.
فلا أحد يعرف اسمه أو عنوانه أو سنه أو رتبته، فقط كل ما نعرفه عنه أنه شاب مصرى يقترب عمره من الثلاثين -يزيد قليلا أو يقل قليلا- كان قد وصل إلى العريش من جهة غزة منفصلا عن قواته -التى ربما انسحبت أو دُمرت- ليس معه سوى سيارة بها مدفع واحد مضاد للدبابات، وكثير من الذخيرة، وطلب من الأهالى مساعدته سريعا فلبوا نداءه وقاموا بإنزال المدفع، ثم قام برفعه على تبة عالية، وحمل معه الذخيرة وأكياس الرمال، ووقف فى انتظار قوات العدو. وبمجرد أن ظهرت أمامه قوات العدو، أطلق الضربة الأولى من مدفعه، فأصاب الدبابة الأولى، ثم أطلق نيران مدفعه على الدبابة الأخيرة فأصابها، ليحاصر كل ما بينهما من دبابات، مما اضطرهم إلى الخروج من الطابور إلى طريق الرمال، فأصبح استهدافهم أسهل، نظرا إلى ارتباكهم وبطء حركتهم على الرمال.
وقد تحقق له ما أراد، وساعده أهالى العريش فى تبريد ماسورة المدفع بخلع ملابسهم، وغمرها بالمياه، ووضعها عليها، فى الوقت الذى حاولت فيه قوات العدو ضرب الموقع ولكن دون جدوى.
وبعد أن امتدت المعركة لساعات، فشلت الدبابات الإسرائيلية فى اقتحام العريش، وفشلت فى إصابة هذا البطل الشجاع، ولكن فى المساء جاءت قوة كوماندوز إسرائيلية وتسللت خلف التبة، وألقت بقنابلها على الموقع، لتتقدم الدبابات وتقتحم العريش بعد أن استشهد الشاب المصرى «بطل تبة العريش» الذى أجبرت بطولته قائد قوات العدو أن يقوم بدفنه فى مقابر العريش، ويؤدى له التحية العسكرية!
ليس بطل التبة وحده الذى قاتل والذى بقى على خط النار، فمنذ اليوم الأول للنكسة بدأت البطولات، واستمرت طوال حرب الاستنزاف التى بدأت فعليا فى الثامن من يونيو 67.



اليوم الإثنين الخامس من يونيو
نحن فى تمام الساعة الحادية عشرة صباحا، فى هذا التوقيت، ووسط قصف قوات العدو للمطارات المصرية، كان البطل نقيب طيار عبد المنعم مرسى، يدافع عن موقعه، رغم أن طائرات العدو كانت قد قامت بتدمير ممرات الإقلاع والهبوط بقاعدة أبو صوير الجوية.
لكن عبد المنعم رفض التسليم بالحسابات العسكرية، واعترف فقط بالواجب الوطنى، فأقلع بالطائرة واشتبك جوا مع طائرات العدو، وتمكن من إسقاط طائرتين للعدو قبل أن يستشهد، وهو يحاول الهبوط على الممر المدمر.
فى نفس القاعدة الجوية، وفى ذات التوقيت تقريبا، قام الرائد طيار عوض حمدى، ومعه الملازم طيار عاصم غازى بالاشتباك مع طائرات العدو تصديا للهجوم، ونجح عوض فى إسقاط طائرة إسرائيلية.
وفى قاعدة أنشاص، قام رائد طيار نبيل شكرى بالإقلاع فى تمام الساعة الحادية عشرة والنصف بالاشتباك مع أربع طائرات «ميراج» للعدو، وأسقط طائرة قائد التشكيل، ثم تبعه مقدم طيار سامى فؤاد، ومعه طيار آخر، واشتبك مع 4 طائرات أخرى، ومنعها من تأدية مهمتها، فألقت حمولتها خارج المطار، فسقطت فوق المعسكر الملاصق للمطار، مما أدى إلى استشهاد أفراد صاعقة، ثم أصيب هو بواسطة المدفعية المضادة للطائرات واستشهد.
ويقول اللواء طيار محمد عكاشة: لا يختلف ما فعله المقدم سامى فؤاد عما فعله المقدم طيار ممدوح طليبة الذى قام بالاشتباك بمفرده مع تشكيل مكون من أربع طائرات إسرائيلية فوق قاعدة «كبريت» الجوية، ومنعها من إكمال الهجوم.
نعم طائرة مصرية واحدة بطيار وحيد منعت تشكيلا كاملا للعدو من مواصلة هجومه.
ربما تظن أننا نبالغ، وأننا ننقل لك البيانات العسكرية للأيام الأولى للحرب، لكنها الحقيقة التى اعترف بها شارون فى مذاكرته، وهو يروى تفاصيل ما جرى فى اليوم الأول للحرب بقوله: عند منتصف ليل الخامس من يونيو كانت القوة الإسرائيلية المتربصة بالنجدات المصرية قد أخذت موقعها مقابل القسيمة. وفى تلك الأثناء كانت الكتيبة المدعومة بدبابات «السنتوريون» تهاجم تحت إمرة «ناتكى» موقع «أوكلند»، محور الجناح الشمالى المصرى، وعلمت من جهاز الاستقبال أنها تصطدم بصعوبات جسيمة لم تكن متوقعة على الإطلاق، وظلت المعركة متأججة منذ منتصف الليل حتى الساعة الرابعة فجرا، حين احتلت دبابات «ناتكى» الموقع المصرى بعد خسائر فادحة فى الأرواح، لكن «ناتكى» نفسه لم ينجُ من الضربات المصرية، لأن عربته المصفحة أصيبت إصابة مباشرة بقذيفة مصرية سحقت ساقيه، ونقل على أثرها إلى المستشفى ليمر بثمانى عشرة عملية جراحية تأكد بعدها أنه فقد القدرة على المشى إلى الأبد.
6 يونيو
فى حوالى الساعة الثالثة والنصف، فجر يوم السادس من يونيو سمع شارون عبر جهاز اللاسلكى صوت «دانى مات» قائد المظليين، يطلب بيأس طائرات هيلكوبتر لإخلاء جرحاه.
وكان جهاز القيادة يُلح بلا انقطاع فى معرفة مواصفات أرض الإنزال، فكل المنطقة كانت مضاءة بالانفجارات والقذائف، ولم يكن فى وسع الطيارين التمييز بين دخان المظليين ودخان الوقود المشتعل، ولم يستطع شارون أن يرشد الهيلكوبتر مباشرة بين الكثبان التى لجأ إليها «دانى مات»، إلا بعد أن اخترقت عرباته القيادية جهاز الدفاع المصرى المستميت، ومع ذلك عجز قائد الهيلكوبتر عن تلمس طريقه وسط الجحيم الذى صنعه المصريون فى المنطقة.
كان باقى طائرات الهيلكوبتر فى تشكيلة تدور فى المنطقة، لعلها تحدد مكان المظليين الجرحى، كان بجهده الشخصى، وطال بهم الأمر حتى السابعة صباحا حين وجدوا المظليين هائمين على وجوههم فى الصحراء، وبينهم تناثر الجرحى الذين نقلتهم الطائرات مع القتلى لإسعافهم أو دفنهم.
أما عن بطولات الفرقة المصرية السادسة فيعترف شارون بأنها كانت معسكرة قرب «الكونتيلا»، وسرعان ما شقت طريقها إلى قلب النقب لتعزل إيلات عن باقى إسرائيل، ولولا سقوط «أبى عجيلة» و«القسيمة» لما اضطرت إلى القتال، متراجعة على امتداد طريق «متلا».
يروى شارون ما جرى فيقول «وما كدنا نبدأ هذا السباق مع الوقت للحاق بالمصريين المنسحبين حتى بدأت المشكلات تتدفق. فالوادى الذى كنت أنوى اجتيازه للتوجه جنوبا كان لا يزال موحلا بعد الأمطار المتأخرة فى هذه السنة. وبينما كنا منشغلين بالمناورة لمغادرة الوادى بعد محاولة فاشلة لاجتيازه تعرضنا لنيران كثيفة من الصواريخ المصرية أحدثت بلبلة كبيرة فى صفوفنا، فدباباتنا وعرباتنا المصفحة كانت متمركزة فى أرض ضيقة نسبيا، وهى تجاهد للتخلص من الأوحال. وأقل ما يمكن قوله إن هذا القصف المصرى جاء فى أسوأ الأوقات، مما اضطرنى إلى القفز على غطاء محرك عربتى بكل ثقلى فى محاولة لتقويمه، لعلنى بهذا أضرب المثل لضباطى وجنودى على الهدود الذى يجب أن يحل بدل الفوضى المستشرية».
7 يونيو
فى السابع من يونيو وبعد أن أعاد شارون تنظيم صفوفه، ارتكب جيشه خطأ عسكريا فادحا بسبب ارتباكه وتعرضه للضغط من دفاع المصريين، قائلا «أمرت الألوية بأن تأخذ طريقا آخر أبعد قليلا إلى الشرق، لكن مشكلة أخرى طرأت بظهور طابور دبابات إلى الغرب، منقضا علينا وفاتحا كل حمم مدافعه، عرفناه فورا، كان لواء فرقة، وعندما شاهدنا رجال اللواء من بعيد ظنوا أننا الفرقة المصرية التى يتعقبونها فهاجمونا بقوة».
وقد يتساءل البعض عن السر فى عدم الاتصال لاسلكيا بالفرقة الضاربة، فيجيب شارون قائلا «حاولنا تحذيرهم بالراديو، لكننا فشلنا دون أن نتمكن من معرفة السبب. وتفاقمت الأمور بسرعة، لدرجة أن إحدى كتائب المدفعية المواجهة لخط رميهم تلقت قذائف خطرة. وبدأ أمر لواء المدفعية بتوجيه مدافعه، تحسبا لمعركة ضد الدبابات، وهو يواجه معضلة مؤلمة: الرمى على قوات إسرائيلية أو التفرج مكتوف اليدين على تدمير فوجه. أمرته أن لا يطلق النيران، لكننى كنت أسمعه عبر جهاز اللاسلكى أنه يتكبد خسائر: صُحت مرتين: (لا تطلق النار)، ثم أمرت ضابط عملياتى بأن يركب الجيب ويتوجه لملاقاة دبابات (يوفيه) ليطلعهم على سوء تقديرهم المدمر».
9 يونيو
لم يكن إصدار مجلس الأمن قراره رقم 234 يوم 8 يونيو 1967 بوقف إطلاق النار يعنى أن الحرب قد انتهت، ولكنه كان يعنى أن مرحلة الصمود قد بدأت، بعد أن رفض الشعب خطاب التنحى.
ففى يوم الجمعة التاسع من يونيو تم تشكيل منظمة سيناء العربية، وبدأت أولى عمليات المقاومة الهجومية المنظمة حين قام كل من النقيب مروان عبد الحكيم والملازم أول وئام سالم، ومعهما ثمانية أفراد بعملية تلغيم ونسف طريق بالوظة ورمانة الذى يبعد نحو 40 كيلومترا شرق القناة.
ويروى اللواء وئام سالم ما جرى فى هذه المهمة قائلا: اتجهت مع مجموعة من قوات الصاعقة إلى منطقة بالوظة، بينما اتجه مروان عبد الحكيم مع مجموعة أخرى إلى منطقة رمانة، وقامت كل مجموعة بتثبيت الألغام على جانبى الطريق الأسفلتى، وتم تدمير سيارة نصف جنزير ودبابة للعدو مع الطريق وبات من الصعب السير، لأن الطريق الأسفلتى تم تدميره، والمنطقة كلها رمال ناعمة لا يمكن أن تسير المعدات العسكرية عليها، وعادت المجموعتان مسافة 35 كيلومترا سيرا على الأقدام بعد تنفيذ العملية بنجاح.
10 يونيو
كل يوم مر بعد الهزيمة كانت إسرائيل تدفع ثمنه ويصف شارون ذلك -فى مذكراته- قائلا «كنا نطير فوق الطريق لنبتعد عن مرمى المصريين المنسحبين المنطلقين بين الكثبان والنتوءات، ولكن بما أننا كنا نطير على ارتفاع منخفض أطلق علينا النار بعض الجنود المصريين فقابلناهم بالمثل، حتى حطت الطائرة على الطريق، وللحظة تساءلت ما عسى أن يحدث لنا؟ يالسخرية القدر القاسية، قبل أقل من ساعة كنت فى أمان بين أفراد فرقتى، والآن أجدنى وحيدا متروكا بين مئات المصريين المسلحين».
ويواصل شارون حديثه قائلا: كنت كلما اتصلت بزوجتى هاتفيا، كانت تخبرنى بوفاة صديق قديم أو ابن له مات فى المعركة، وبسبب ذلك برزت حركة احتجاج فى إسرائيل بسبب طول قائمة القتلى.
وهذا ما أكده أيضا «عزرا وايزمان» رئيس إسرائيل فى مذكراته، عندما قال: سنظل نذكر أن حرب الاستنزاف هى الحرب الأولى التى خسرتها إسرائيل، بينما قال «أبا إبيان» وزير خارجية إسرائيل فى مذكراته «إن فاتورة حرب الاستنزاف من القتلى والمعدات والجرحى كانت غالية جدا.
12 يونيو
الأيام الأولى بعد الحرب كانت ملحمة للبطولات الفردية.
فبطولات المصريين لم تكن كلها منظمة، ومخططة وبتعليمات، بل إن بعض العمليات التى حدثت دون ترتيب وبتلقائية من المقاتلين كبّدت العدو خسائر كبيرة وأسهمت فى النصر، حتى لو تم التحقيق مع مُنفِذها والحكم عليه بالعودة إلى الخلف «لشدة وطنيته»!
شدة وطنية المقاتلين محمد عبده موسى وعبد الخالق جاد تجلت فى يوم 12 يونيو حين كانت القوات المصرية المنتشرة على منطقة القنطرة بهدف حماية القوات العائدة من سيناء تكاد تكمل يومها الرابع دون التزود بطعام أو شراب، حيث قضت أيام 9 و10 و11 يونيو وفى يوم 12 خرج المقاتلان للبحث عن الطعام بقطار.
ويروى لنا البطل محمد عبده تفاصيل ما حدث قائلا: كان قطار من بورسعيد باتجاه الزقازيق قد تم ضربه من قبل قوات العدو وما زالت جثث القتلى موجودة به، فذهبنا على أمل أن نجد بين متعلقاتهم ما يسندنا من جوع طول هذه الفترة، وفى أثناء قيامنا بذلك شاهدنا مجموعة من القوات الإسرائيلية من رجال ونساء.
وفى دقائق وضعنا الخطة وقسمنا الأدوار بحيث يعتلى أحدنا القطار ويقف الآخر على القضبان، على أن يطلق كلانا النار باتجاههم بشكل مختلف من اليمين لليسار والآخر من اليسار لليمين وتتلاقى الرصاصات فى المنتصف، إلا أننا اختلفنا حول من يصعد أعلى القطار، ومن يبقى بالأسفل، فرأيت أن أصعد أنا ويظل عبد الخالق جاد بالأسفل، نظرا إلى أن قامته أطول، بينما رغب جاد بالصعود، ولم يحسم الأمر سوى إجراء «قرعة» على ربع جنيه فِضى فكانت النتيجة كما أردت.
وانطلق الرصاص وسقط تسعة من القتلى من صفوف العدو، وسارعنا بالقفز والعودة إلى موقعنا فى السادسة والنصف فجرا.
وكان التحقيق فى انتظارنا!
وذلك بسبب أننا خرقنا وقف إطلاق النار، وعلى الرغم من ذلك كان اللواء عبد المنعم خليل قائد الفرقة 3، سعيدا وفخورا بنا، ولكن كان قراره لكل منا «الرجوع للخلف لشدة وطنيتنا».
16 يونيو
البنات فى المعركة أيضا!
لم يكن الرجل وحده هو البطل، ولم تكن البطولات «للرجال فقط»، فالمرأة المصرية صمّمت -كعادتها- أن تضع بصمتها، وأن تقف جنبا إلى جنب مع أخيها وزوجها وابنها وأبيها فى الميدان، فحملت الرشاشات والبنادق والقنابل وتدربت على القتال وحرب العصابات، بالإضافة إلى الإسعافات، حتى إنها أصرت على أن تشارك الرجل فى عمل مكتب الطوارئ ببورسعيد لخدمة المقاومة.
«معسكرات الفتوة» هى المدخل الأول للفتاة المتطوعة للمقاومة الشعبية، تليها «مكاتب التطوع» التى بدأت تقبل فورا الفتيات والفتيان من الصفين الأول والثانى الثانوى الذين أنهوا امتحاناتهم، أما طلاب الصف الثالث «التوجيهى» والجامعات والمعاهد العليا والأزهر فتقبلهم، على أن ينضموا إلى مراكز التدريب بعد انتهاء امتحاناتهم.

وأنشئت مراكز التدريب كالتالى:
- الحراسات: تكون مركز تدريب واحد فى دائرة قسم شرطة المنطقة يضم 600 فرد متطوع، يشكل منهم بعد الانتهاء من تدريبهم كتيبتان، وقد يزداد العدد إلى 900 فرد ويشكل ثلاث كتائب، وتنضم الكتائب بعد تشكيلها لتصل تحت قيادة القطاعات المختلفة الداخلة ضمن قيادة الدفاع من مدينة القاهرة، وتعمل على حراسة المرافق والنقاط الحيوية، مثل الكبارى وخزانات المياه ومحطات الكهرباء، ومبانى الإذاعة والتليفزيون والمستشفيات ومكاتب البريد والبنوك، وأى مكان آخر معرض للتخريب والتدمير.
- الدفاع المدنى: يقام مركز تدريب فى دائرة كل قسم شرطة، ويضم 300 فرد ويتم تشكيل ثلاث مجموعات منهم، كل مجموعة تضم ثمانين فردا تتناوب الخدمة، ومهمتهم هى إطفاء الحرائق والإنقاذ من تحت الأنقاض والإسعاف والنقل ومراقبة الغارات والتحفظ على القنابل.
وللفتيات تقرر إقامة أربع نقاط إسعاف فى دائرة كل قسم شرطة كل نقطة من 90 فتاة، ويكون منهن ثلاثة أطقم، كل طقم 17 فتاة عبارة عن قائدة وفتاتين للاستقبال، وأربعة من حاملات النقالات وفتاتين لإيقاف النزيف واثنتين أخرتين لإسعاف جروح ومثلهما لإسعاف الإغماء ومثلهما لإعطاء الحقن، ومثلهما لتجبير الكسور، ووزعت بعض الفتيات المدربات على المستشفيات الموجودة فى أماكن وجودهن، على أن تقوم الفتيات أيضا بأعمال الشؤون الإدارية مثل تجهيز الذخائر وتصنيفها وإعداد الوجبات وتسليمها إلى المندوبين وتوزيع المياه وما شابه ذلك.
ولقد وصل عدد المتطوعين من المدارس الثانوية إلى نحو 54 ألفا من الشباب، ومن التعليم العالى إلى نحو 17 ألفا من الشباب.
المرأة البورسعيدية تحديدا -فتيات وسيدات- أصبحت خلال أيام تحمل السلاح مع الرجل فى كتائب المقاومة الشعبية، إلى جانب القوات المسلحة بعد أن تدربن على السلاح وعمليات التفجير، بجانب دورها فى إسعاف العائدين من سيناء.
23 يونيو
فى مدن خط النار كل شىء وارد.
هل تصدق أن سيدة فى الثمانين تصر على حمل السلاح، وأن طفلا، عمره 14 عاما يتطوع فى المقاومة، وأن مصابا بشلل فى إحدى يديه يصر على المقاومة باليد الأخرى ورجلا عجوزا يتحرك بالكاد، على أن سنه لا تسمح له بحمل السلاح هو «ولكن أصابعى ما زالت تقوى على الضغط على زناد البندقية»، وأن آخر أصر على أن يقاتل وبنفس البندقية التى قاتل بها فى جيش «أحمد عرابى»؟!
صدق أو لا تصدق، ولكن هذا هو ما حدث فى واقع مدن خط النار الثلاث «بورسعيد والسويس والإسماعيلية» وكذلك الشريط الذى يمتد 180 كم، بكل سكانها -ويبلغ عددهم فى السويس 500 ألف وقتها- حيث تحولت إلى معسكرات تدريب مستمر وقسم أهلها أنفسهم وأوقاتهم، ما بين العمل والتدريب والمقاومة وحضور الندوات، الجميع يحمل السلاح -حتى الأطفال فى لعبهم ببنادق خشبية- بروح يقظة ومستعدة للانطلاق فى أى لحظة فداء للوطن. كلهم أبطال.. منهم من أدى بطولة بالفعل، ومنهم من ينتظر الفرصة مثل محمد حامد -المواطن السويسى- الذى فك ذراعه من الجبس قبل موعده وتوجه إلى قائد أقرب معسكر مقاومة من منزله ليقول له فى انفعال شديد: «لماذا لا أنضم إلى صفوفكم.. لماذا تحرموننى من شرف الثأر من هؤلاء القراصنة؟ ليتلقى الرد: سيأتى دورك فى التدريب، وستحتل مكانك فى الوقت المناسب، فيقول: إننى لا أنتظر دورى فى التدريب، ولكنى أريد أن أتطوع فى ساعات فراغى لتدريب أى مجموعة من أهالى السويس. فأنا مُدرَب تدريبا دقيقا على استخدام الرشاشات الخفيفة والمدافع الصاروخية واستطلاع الألغام».
وأمام إصرار محمد حامد، وأمام خبرته الفنية على استعمال تلك الأسلحة، لم يجد قائد المعسكر طريقا آخر أمامه سوى ضمه إلى صفوف المقاومة الشعبية فى السويس ليعطيها من وقته اليومى ثلاث ساعات فى التدريب، وثلاث ساعات فى الحراسة الليلية، بالإضافة إلى 12 ساعة من عمله كملاحظ جهاز تفحيم لتصنيع البترول، فقد تطوع بأربع ساعات إضافية لزيادة الإنتاج، ولم يبق له من ساعات راحته سوى خمس ساعات فقط، يتمنى من الله أن يعطيه القدرة، لينذرها هى الأخرى حبا للجهاد فى سبيل الله والوطن. وليم رزق، ساعى مكتب الصحة المصاب بشلل فى ذراعه اليمنى، ومع ذلك يصر على حمل السلاح والكفاح بيد واحدة، تدمع عيناه عندما اعتذروا له فى معسكر التدريب، ليقول لهم «اسندوا إلىّ أى عمل، ولو انحصر هذا العمل فى إعداد البنادق قبل تسليمها إلى المدربين من أهالى السويس».
بطل صغير السن، كبير القدر، هو الطالب على محمود أحمد، الذى يبلغ من العمر 14 عاما، ومع ذلك أصر على حمل السلاح، وعندما رفض قائد المقاومة أن يضمه إلى الصفوف لأنه صغير السن، قال له: «كلفنى بأى عمل لتكتشف مدى صلابتى وقدرتى على التحمل». وظل هذا الطالب يتابع قائد العسكر فى كل مكان يذهب إليه، وفى النهاية اضطر قائد المقاومة فى منطقته، إلى أن يسمح له بالتدريب على القيام بأعمال خاصة تحتاج إليها المعركة.
وربما تدمع عيناك من بطولة العجوز رمضان معوض، المعمر، الذى كان من جنود عرابى قدم للمعسكر يحمل بندقيته معه وقدم نفسه إلى صفوف المتطوعين، مصرا على أن يقاتل بنفس البندقية، لأنها لم تخذله فى مواقع الثورة العرابية.
وربما تخجل أجيال كاملة من بطولة أم منصور العجوز، التى جاءت من حى الأربعين تتحامل على سنوات عمرها الثمانين لتقول «إدونى سلاح.. أى سلاح يا اولادى علشان أحارب بيه مع ابنى منصور، الكلاب دول.. اللى ربنا هيورينى نهايتهم إن شاء الله».
وتتعلم أجيال كاملة أيضا من بطولة محمد إسماعيل، الجناينى سابقا فى حدائق هيئة القناة والمتقاعد عن العمل لبلوغه سن السبعين، يجر قدميه جرا إلى مركز المتطوع ويطالب بالسلاح.. ببندقية، وبقبوله فى صفوف المتطوعين، ويقول له المشرف على التدريب بإشفاق: معذرة يا والدى.. إن سنك لا تساعدك على تحمل أعباء التدريب. فيجيب الرجل فى إصرار: ولكن أصابعى ما زالت تقوى على الضغط على زناد البندقية.
لم يُستثن من السلاح أحد حتى سليمان عبيد، بائع العرقسوس المتجول، أنزل «قِدرَته» من على صدره وحمل السلاح، ونذر أن لا يعود إلى حمل «القِدرَة» إلا يوم النصر ليسقى الجنود الظافرين شراب النصر.
يقولون عنه إنه بطل.. وهو يقول «لست بطلا.. فكل ما قمت به عمل بسيط من أجل بلدى».
عيد سعيد عبد المنعم كان يقف فى فناء الجمعية التعاونية للبترول بالإسماعيلية يشاهد النار ترتفع بجوار الصهاريج، ورأى قذيفة تضرب إحدى مواسير البوتاجاز الرئيسية، وشب الحريق بقوة، ولم يفكر، بل أسرع بحمل بطانية وألقاها فوق الماسورة ليلقى بكل جسده بعدها بقوة على الماسورة ويخمد النيران.
1 يوليو
فى ثلاث ساعات من الثالثة وحتى السادسة صباحا وقعت معركة «رأس العش».
كان أبطال الصاعقة المصرية على موعد مع بطولة خلدها التاريخ باعتبارها البداية الحقيقية لمرحلة الصمود المصرى، ليكون لهم الفضل فى أن تظل بورفؤاد المنطقة الوحيدة فى سيناء التى لم تحتل وتبقى حرة.
يحكى عنها شاهد منها هو المقاتل عبد الجواد سويلم: كانت الأوامر قد صدرت للتصدى لقوات العدو القادمة لدخول منطقة بورفؤاد، وهو اليوم الأول على تولى اللواء أحمد إسماعيل قيادة الجبهة، فتقدمت مجموعتان عدد أفرادهما 83 فردا من قوات الصاعقة، إحداهما اتجهت من ناحية رأس العش، والأخرى التفت من الداخل من مدينة بورفؤاد مشيا مسافة 12 كيلومترا لمدة ساعتين، وقاموا بعمل حفر فى الرمال يختبئ فى كل حفرة ثلاثة مقاتلين بعد أن قاموا بزرع الألغام فى طريق القوة الإسرائيلية، التى وصلت إلى الألغام، فتفجرت أول مدرعة فى الصف، مما أجبر البقية على التوقف، وكانت المسافة بين كل قطعة عسكرى والأخرى 200 متر.
كان تفجير اللغم الأول هو الإذن ببداية الضرب، حسب الخطة الموضوعة، فبدأ المقاتلون المختبئون فى الحفر باستخدام مدافعهم ال«آر بى جيه» فى ضرب المدرعات ووسط التضرع بالدعاء وقراءة القرآن بصوت منخفض والتكبير بصوت مرتفع استمرت المعركة لمدة ثلاث ساعات من الثالثة وحتى السادسة مساء، حين انطلقت خرطوشة خضراء من القائد، معناها انتهاء العملية التى خلّفت 81 قتيلا من قوات العدو، وتدمير أغلب المدرعات والدبابات، وأوقفت التقدم، فلم يُحتل شبر واحد من مدينة بورفؤاد، بينما استشهد 15 مقاتلا مصريا.
ويروى عبد الجواد سويلم، الملقب ب«الشهيد الحى»، تفاصيل ما جرى فى معركة رأس العش، قائلا: قمت بتدمير مدرعة بها 18 فردا، بالإضافة إلى دبابة، وعندما حاول عشرة جنود إسرائيليين الهرب، لحقت بهم بعد أن تركت سلاحى الثقيل «آر بى جيه» لزميلى واستبدلت به بندقية آلية، وقمت بملاحقتهم مسافة 400 متر، وبفضل الله تمكنت من قتل ستة منهم، واستوليت على أسلحتهم وعدت بها إلى مكان المعركة التى عرفت باسم «رأس العش».
2 يوليو
كانت القوات الجوية الأكثر تأثرا بالنكسة، ورغم ذلك قررتْ أن تشترك فى معارك الصمود عندما جاء دورها.
فبعد معركة «رأس العش»، وما تحقق من انتصار كبير، قامت مجموعة من الطائرات الإسرائيلية بقصف مواقع المدفعية المصرية الموجودة على الضفة الغربية للقناة، والتى كانت تقدم المعاونة بالنيران لقوة الصاعقة، وبعد انتهاء الغارة الجوية الإسرائيلية، استأنفت المدفعية مهمتها سريعا، بإعادة فتح النيران مرة أخرى على قوات العدو فى الضفة الشرقية.
ولذلك طلب اللواء أحمد إسماعيل، استخدام قواتنا الجوية ضد العدو، رفعا للروح المعنوية، ولنثبت أننا لم نفقد القدرة على القتال، على الرغم من تفوقه، وكانت قيادة الجبهة على ثقة من أن قواتنا الجوية بقيادة الفريق طيار مدكور أبو العز لن تتأخر فى الاستجابة، وبالفعل قامت بضربة موجعة تسبب فى أن إسرئيل أطلقت على الفريق مدكور أبو العز لقب «السفاح»!
3 يوليو
الجندى المصرى لم يهدأ.. ولم يفوّت فرصة تمكنه من عدوه إلا واقتنصها.
ففى الثالث من يوليو وعند مرور القطار بمنطقة رمانة وبالوظة بالكيلو 36 على طريق القنطرة-العريش، قام البطل النقيب مروان عبد الحكيم بعمل كمين له، وتم نسفه، واعترف العدو بخسائر فى الأرواح تجاوزت ال150 فردا، بينما قام بالتجهيزات الفنية لهذه العملية اللواء مصطفى كمال، حسب ما ذكره لنا اللواء وئام سالم.
4 يوليو
سيناء ولّعت!
ثلاثة أيام ظلت فيها سيناء مشتعلة بعد واحدة من عمليات أسطورة الصاعقة المصرية وأمير الشهداء إبراهيم الرفاعى، لنسف الذخائر التى خلفها الجنود المصريون فى أثناء انسحابهم.
التفاصيل يرويها الرائد سمير نوح، فيقول: لم يكن انسحاب القوات المصرية من سيناء منظما بالقدر الكافى، بل كان به قدر كبير من الارتجالية أو قل «الدربكة»، أدت إلى أن يُخلّف الجنود وراءهم كمية كبيرة من السلاح والذخيرة مكدسة بمخزن أصبحت بطبيعة الحال بعد انسحاب المصريين واستيلاء الجيش الإسرائيلى على المنطقة من نصيب قوات العدو، وبدؤوا فى استغلال الأسرى المصريين من الجيش فى جمع السلاح والذخيرة، وحملها إلى القطار المتجه إلى غزة، الأمر الذى لم يكن المصريون ليقبلوا بحدوثه، وأصر البطل إبراهيم الرفاعى، على إيقاف الأمر، فقاد عملية نسف المخزن والقطار فى هذا اليوم مع مجموعة من الضباط برتبة ملازم أول من كتيبة «503 صاعقة»، هم رأفت جمعة وبهجت خضير وحسنى صلاح الدين يسرى وأبو العينين مختار، حيث قاموا بعبور القناة ليلا ونجحوا فى تلغيم القطار بالكامل وتمكنوا من تفجيره وتفجير المخزن وخسارة العدو كمية هائلة من الذخيرة، وعادوا سالمين، بينما ظلت آثار الحريق مستمرة لثلاثة أيام، وكانت هذه العملية بداية لتكوين الرفاعى مجموعة «39 قتال» فى ما بعد.
كان الهدف إحضار «صاروخ» من قلب معسكرات العدو لمعرفة مداها، ووزنها بناء على طلب الخبراء الروس!
لكن تحقق عندما عبر البطل عبد المنعم غلوش قناة السويس سابحا بمفرده، وعاد حاملا ثلاثة صواريخ بدلا من صاروخ واحد!
الرائد سمير نوح يروى لنا التفاصيل: كان من المخطط أن يقوم المقاتل عبد المنعم غلوش بعبور قناة السويس للضفة الشرقية، غطسا تحت الماء، ولكن عند التنفيذ وجد أن التيار فى القناة كان شديدا، فتم تعديل المهمة إلى السباحة، ومعه حبل، حيث عبر به إلى الضفة الشرقية للقناة، ودخل على موقع الصواريخ وقطع أسلاكه بالكامل، وأخذ 3 صواريخ ووضعهم فى كيس بلاستيك، وعندما وصل إلى جسر الضفة الشرقية أشار إلى زملائه الذين ينتظرونه على الضفة الغربية، فقاموا بشد الحبل الممسك به.
وفور خروجه من القناة ركبوا السيارة التى أحضرتهم وتوجهوا إلى القاهرة لمقابلة اللواء محمد أحمد صادق مدير المخابرات، ورافقهم المدير إلى وزارة الحربية ومقابلة الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية، وقد منح البطل عبد المنعم أحمد غلوش نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الثانية، تقديرا لأعمال البطولة والشجاعة الفائقة فى جبهة القتال يوم 4/7/67، وأن تصرف له مكافأة شهرية قدرها «جنيهان ونصف» مدى الحياة.
وكان القائمون بتنفيذ وإعداد وتخطيط العملية هم المقدم إبراهيم الرفاعى من المخابرات الحربية، والرائد بحرى طبيب محمد عالى نصر، والنقيب بحرى إسلام توفيق قاسم، والرقيب أول بحرى عبد المنعم أحمد غلوش، وكانت تسمى بعملية «الصواريخ الكهربائية».
14 يوليو
كان البطل الشهيد عونى عازر هو الممهد ل«الطريق إلى إيلات»، وكانت العملية التى «اختار» أن يُستشهد فيها فى الرابع من يوليو هى الخطوة الأولى على طريق إغراق المدمرة «إيلات»، رغم الفارق الزمنى الذى يزيد على الثلاثة أشهر بين هذه العملية وعملية الإغراق التى تمت فى 21 أكتوبر، وهو البطل الذى قال عدوه الذى تسبب فى عجزه «إنه مقاتل وطنى».
يروى لنا تفاصيل العملية اللواء ممدوح منيع، فيقول: فى هذا اليوم قامت ثلاثة لانشات حاملة للصواريخ بالتوجه إلى إيلات، إلا أن أحدها تعطل، فتحرك الاثنان، أحدهما بقيادة عونى عازر، والآخر بقيادة ممدوح شمس، ولكنهما لم ينجحا فى إغراقها، ولكن أحدثا بها بعض الخسائر، وكان عليهما التراجع، ولكن عونى قرر فى لحظات القيام بعملية استشهادية، ففجر مركبه بالمدمرة، مستشهدا ومحققا خسائر كبيرة للعدو، أبرزها كسر مضاعف فى العمود الفقرى لقائد المدمرة «إسحق شوشان» سبب له عجزا، وأخرجه من الخدمة بعد أن كان يؤهَل لقيادة القوات البحرية الإسرائيلية، وهو ما شهد به «شوشان» نفسه فى كتابه «الرحلة الأخيرة» ووصف فيه عازر ب«المقاتل الوطنى».
15 يوليو
استمرارا لبطولة اليوم السابق، كرر أبطال الجو ضرباتهم، فقامت 20 طائرة مصرية بمهاجمة مواقع للعدو شرق قناة السويس، وأتمت العملية بنجاح دون اشتباك جوى أو وقوع خسائر، مما دفع موشيه ديان إثر هذه العملية وما سبقتها بإصدار الأمر للقوات بالاستعداد للانسحاب مسافة 30 كيلومترا شرق قناة السويس.
الأثر المعنوى لم يقل أهمية عن الأثر العسكرى، حيث ارتفعت الروح المعنوية لجميع القوات على الجبهة، وكذلك تسببت فى هبوط الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين، مما أجبر موشيه ديان وزير الدفاع، على زيارة الجنود على الجبهة المصرية يوم 15 يوليو لتهدئة مشاعرهم، ولم يكن قد مضى على انتصار إسرائيل الخاطف أكثر من أربعين يوما. وكان من الطبيعى أن يشيد ديان بانتصارات الجيش الإسرائيلى فى يونيو 1967، لكن الجنود ردوا عليه بقولهم إن هذا الانتصار مثل العملة الورقية ليس لها رصيد مضمون.
31 أغسطس
ليس صحيحا أن المصريين قاوموا «خط بارليف» فى أكتوبر 73 فقط، لكنهم بدؤوا مقاومته مبكرا فى أثناء بنائه فى أغسطس 67.
فى آخر أيام شهر أغسطس 67، قاومت قوات الصاعقة المصرية بناء السد بتدمير بلدوزر يحمل معدات ويشارك فى البناء، وأسفرت أيضا عن قتل السائق الجندى والضابط المهندس الذى يرافقه.
مجموعة الصاعقة، المكونة من سبعة أفراد بينهم الشهيد الحى عبد الجواد سويلم -الذى روى لنا تفاصيل العملية- «هاجمت البلدوزر فى تمام الثانية عشرة ظهرا بمنطقة الكاب شرق قناة السويس، فقامت بتدمير البلدوزر وقتل المهندس برتبة رائد والجندى السائق، دون حدوث خسائر مصرية».
1 أكتوبر
بطولة جديدة لقوات الصاعقة فى الأول من أكتوبر.
بدأت حين تم رصد معدات جديدة للعدو الإسرائيلى فى المنطقة الواقعة بين «الكاب» و»رأس العش» والتى تُعرف باسم منطقة 18 يونيو. فصدرت الأوامر لمجموعة من أفراد الصاعقة كى تقوم بعمل كمين فى المنطقة فى تمام الساعة العاشرة صباحا، وبالفعل تم عمل الكمين، وتحقق الهدف، وتم تدمير مدرعة وقتل ثلاثة من ركابها وإصابة ثلاثة آخرين، علاوة على تدمير بلدوزر وإصابة سائقه إصابة شديدة، وفقا لما رواه لنا المقاتل البطل عبد الجواد سويلم.
21 أكتوبر
الطريق إلى إيلات.
رصدت الأجهزة وجود سفينة حربية للعدو قرب المياه الإقليمية شرق بورسعيد يوم 18 أكتوبر.
وظلت القوات فى انتظار قرار الهجوم أيام 18 و19 و20 حتى جاءهم فى تمام الساعة الخامسة من مساء يوم السبت 21 أكتوبر، ولم يكن رجال البحرية الذين تم تكليفهم بتنفيذ العملية قد ذاقوا النوم فى تلك الليلة شوقا إلى الأوامر التى صدرت بمهاجمة «إيلات» والانتقام لزملائهم.
وبدأ الاستعداد.
كانا لانشان كل منهما يحمل 18 فردا الأول «501» وعلى رأسه لطفى السيد جاد وممدوح منيع وضابط التسليح محمد شهاب أبو السنون والآخر «504» يقوده نقيب أحمد شاكر عبد الواحد -وكان قائد السرب أيضا- وملازم أول حسن حسنى وسيد عبد المجيد، بينما أصر مهندس تسليح السرب سعد السيد حسن على الخروج لتنفيذ العملية مع السرب.
أول صاروخ تم إطلاقه باتجاه المدمرة كان فى تمام السادسة، وبعد عدة ضربات عاد السرب بعد حوالى 20 دقيقة، إلا أنه فى الساعة السابعة جاءت التعليمات بتكرار ضرب الهدف، فتم ضربه وإغراقه كى يتصدر النشرة الإخبارية فى الثامنة والنصف وتطلب قوات العدو وقف إطلاق النار فى التاسعة إلا ربعا، وتتم العملية «نظيفة» بلا خسائر فى قواتنا البحرية، هذه كانت العملية بالضبط، كما رواها لنا اللواء ممدوح منيع الذى شارك فيها.
المفاجأة أن اللواء محمود فهمى رئيس شعبة العمليات البحرية آنذاك، خطط لعملية إغراق «إيلات»، وقامت العملية بالمخالفة للتعليمات؟
هذا ما يؤكده اللواء بحرى نبيل عبد الوهاب، بقوله: كانت التعليمات أن لا نبادر العدو بالهجوم لضعف موقفنا وقوة رده، ولكن اللواء محمود فهمى كان يريد تدمير «إيلات» بأى شكل، فسعى إلى ذلك، واستطاع بعد تفاوض، الحصول على سماح بمهاجمتها إذا تعدت حدود المياه الإقليمية الخاصة بنا.

وبالفعل حاولت المدمرة أن تدخل المياه الإقليمية لفترة ما، ثم تبتعد إلى عرض البحر، وتكرر ذلك عدة مرات بطريقة استفزازية، وفى تحرش واضح، لإظهار عجز قواتنا البحرية عن التصدى لها.
وبمجرد أن صدرت أوامر قائد القوات البحرية بتدمير هذه المدمرة عند دخولها المياه الإقليمية، خرج لانشان صاروخيان من قاعدة بورسعيد لتنفيذ المهمة.. هجم اللانش الأول بإطلاق صاروخ أصاب المدمرة إصابة مباشرة، فأخذت ميلا على جانبها، وبعد إطلاق الصاروخ الثانى تم إغراق المدمرة شمال شرقى بورسعيد، بعد الخامسة مساء يوم 21 أكتوبر 67، وعليها طاقمها وغرقت المدمرة داخل المياه الإقليمية المصرية بنحو ميل بحرى.
كانت هذه العملية كفيلة بتغيير الاستراتيجية العسكرية البحرية فى العالم كله، لأنها المرة الأولى التى يتم فيها استخدام صواريخ «سطح-سطح» من وحدة بحرية صغيرة «لانش من الخشب حامل صواريخ» طوله 25 مترا لإغراق مدمرة طولها 125 مترا هى المدمرة «إيلات»، لذلك كان من الطبيعى أن يتم تغيير تاريخ الاحتفال بعيد البحرية المصرية، وجعله فى 21 أكتوبر بدلا من 14 أغسطس الذى يوافق معركة «ذات السوارى» التى انتصر فيها الأسطول المصرى ب200 سفينة على الأسطولين الرومانى واليونانى بنحو 1700 سفينة عام 635 ميلادى.
5 ديسمبر
مهمة جديدة قبل أيام من نهاية عام 67، يروى تفاصيلها المقاتل عبد الجواد سليم قائلا: خرجت المجموعة المكونة من 6 أفراد على عمق 3 كيلومترات من القناة فى منطقة الحرش ما بين القنطرة والكاب مشيا، ثم زحفت لمسافة 200 متر حتى لا يتمكن العدو من رؤيتهم، على أن يقوم عبد الجواد بتنفيذ المهمة تحت حراسة وحماية المجموعة.
وبالفعل سار عبد الجواد، وهو يحمل ما يقرب من 50 كيلوجراما من المتفجرات والقنابل والفتيل والسلاح، واستطاع نسف ثلاث دبابات للعدو عن طريق توصيل عبوات ناسفة بكل دبابة وتوصيلهم جميعا ببعضهم بعضا حتى يتم النسف فى نفس التوقيت.
وقد تمت العملية بنجاح، إلا أن أحد أفراد المجموعة، وهو البطل حسين عبد الرازق استشهد فى أثناء رحلة العودة بعد تنفيذ المهمة

المصدر http://www.masress.com/tahrirnews/220623
.
__________________
يا أيــهُا الرآجونْ مِنْهُ شَفاعَة , صَلوا عَليه وسَلموا تسَليمْـــــــا

avokato غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
sponsor links
إضافة رد

sponsor links

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 10:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir